عندما انضم برند شويندتكي، كبير المديرين الإداريين في شركة عبداللطيف جميل للاستثمار إلى الشركة، كان عازمًا على إدخال التغييرات اللازمة لجعل شركة عبداللطيف جميل لأعمال السمكرة والدهان مزوّد خدمات إصلاح الصدمات والتصليح المفضّل لدى الناس في السوق السعودي، مع تحسين بنية التكاليف ومضاعفة الإنتاجية في المراك
وكان النشاط الأول على رأس أجندته هو تحديد التحديات والمشاكل التي تواجه الشركة، والأهم من ذلك، معرفة آراء العملاء بشأن نظرتهم إلى نوعية خدمة السمكرة والدهان، واستعداد كل عميل للتوصية بهذه الخدمة أمام معارفه.
وتمثل شركة عبداللطيف جميل لأعمال السمكرة والدهان أكبر مزوّد لخدمات إصلاح الصدمات والتصليح في المملكة مع ما مجموعه 17 ورشة في جميع أنحاء البلاد، وحجم أعمال تصليحات سنوية يصل إلى 60,000 سيارة.
وعلى الرغم من العلامة التجارية القوية التي أرستها مجموعة عبداللطيف جميل طوال عقود من خلال تقديم منتجات وخدمات عالية الجودة لعملائها، فإن الأزمة الاقتصادية الأخيرة بالترافق مع ازدياد حدّة المنافسة في السوق وتحوّل اهتمام العملاء من الجودة إلى السعر، قد أثّرت سلبًا على مجال أعمال السمكرة والدهان.
تمّ التقاط “صوت العميل” من خلال الاستطلاعات التي أرجعت تردّد العملاء في المجيء إلى شركة عبداللطيف لأعمال السمكرة والدهان بغية إجراء التصليحات اللازمة، إلى سببين رئيسين: الأول هو مدة الخدمة الطويلة للغاية، والثاني هو أسعار أقل تنافسية مقارنة بالمنافسين الآخرين. ويلخّص برند شويندتكي التحديات الرئيسة كالتالي: المدة الطويلة لخدمة السيارة، وتكلفة الخدمة، ونوعية التصليح مع إعادة العمل بـ40% من المهام بسبب فشلها في اجتياز المرحلة النهائية من مراقبة جودة العمليات، وعدم إنجاز إلا 36٪ فقط من المهام في وقت التسليم المحدّد. علاوة على ذلك، كان تنسيق الإجراءات الداخلية غائبًا ما بين أعمال السمكرة والدهان ومختلف شركات التأمين، مما أدى إلى ازدواجية في العمل، وتفاوتًا في التكاليف، وعدم اتساق العمليات الداخلية، وتأخير 60٪ من المهام حتى قبل البدء بالتصليح.
لذلك اتخذت الإدارة قرار الانطلاق برحلة نهج اللين مع “المبادئ الأربعة”، بهدف تحديد العمليات المشتركة لتخفيض الفترة الإجمالية التي يستغرقها تصليح السيارة، من خلال توفير خدمة أسرع للعملاء وزيادة قدرة ورش العمل.
ويقول برند شويندتكي: “ما طلبناه مبدئيًا من شركة المبادئ الأربعة هو تحسين العملية ما بين موعد إدخال العميل سيارته وموعد إخراجها؛ وقد أطلقنا على هذه العملية تسمية (من المفتاح إلى المفتاح)، وهي تعني بعبارات مبسطة، من اللحظة التي يسلّم فيها العميل مفاتيحه إلى شركة عبداللطيف جميل لأعمال السمكرة والدهان حتى لحظة إعادة الشركة المفتاح إلى العميل”.
وتبيّن من تحليل دراسة الحالة الحالية أنه بالنسبة للمركبات التي تحتاج لإصلاح 3 أجزاء أو أقل، أي أعمال التصليح “الطفيفة”، والتي تمثل 45٪ من إجمالي حجم الأعمال، فإن مدة الخدمة الإجمالية طويلة جدًا ما بين موعد تسلّم السيارة من شركة أعمال السمكرة والدهان وموعد تسليمها إلى العميل.
علاوة على ذلك، كانت الأنشطة الإدارية مثل تخمين سعر التصليح وعمليات الموافقة وازدواجية العمل تستغرق 50٪ من المدة: عادة، كان العميل الذي يقصد المركز يضطر للتوجه إلى أحد مستشاري الخدمة، ثم يخوض ما لا يقل عن 4 مراحل قبل استلام سيارته من قبل المركز والبدء بالعمل:
- يتم التحقّق من وثائق العميل من قبل ممثل شركة أعمال السمكرة والدهان، ثم جولة تقييم للسيارة مع مستشار الخدمة، وبعدها إدخال البيانات في نظام أعمال السمكرة والدهان.
- يتم التحقّق من وثائق العميل من قبل ممثل إدارة المطالبات، ثم جولة تقييم للسيارة، وبعدها إدخال البيانات في نظام شركة إدارة المطالبات. ولسوء الحظ، فإن نحو 30٪ من الحالات فقط تؤمّن الوثائق كاملة، مما يعني أن العميل قد يضطر للذهاب والعودة مرات عدة قبل تسليم سيارته.
- عندها يقوم ممثل السمكرة والدهان بوضع تقرير تخمين التصليحات، ثم تتم مراجعته وتخفيضه من قبل ممثل إدارة المطالبات قبل تسليمه إلى العميل. وهذا يعني انتظار العميل طويلاً في صالة الاستقبال بالمركز.
- عندما يصل تقرير تخمين التصليحات إلى الورشة، يقوم كبير الفنيين بمراجعته مرة أخرى وتحديد البنود والمواد التي يجب إضافتها، مما يستدعي جولة من “التفاوض” مع شركة إدارة المطالبات، حتى يتم الاتفاق على تخمين التكلفة النهائية.
- أخیرًا، سیتم إبلاغ العميل بتغيّر التكاليف، الذي قد یقبلها أو یرفضھا قبل بدء أعمال التصليح في سيارته.
هذه الأنشطة التي أطالت بشكل أساسي المدة الإجمالية للخدمات، جاءت نتيجة لعقلية الصومعة القوية والعمليات غير المنسقة ما بين شركات التأمين والسمكرة والدهان.
ومن ناحية العمليات، فإن نسبة 87٪ من المدة كانت مرتبطة بالهدر غير الضروري المتغلغل في عمليات طابق المتجر بسبب الجدولة غير السليمة للمهام، وعدم توفّر قطع الغيار، وسوء استخدام الموارد، والعمليات الداخلية غير المنسقة.
وكان التركيز الأولي على معالجة الهدر الإداري الناجم عن عقلية الصومعة، بالإضافة إلى مواءمة العمليات المشتركة ما بين السمكرة والدهان وشركة التأمين من خلال إدخال مفهوم جديد لتبسيط عملية تخمين التكاليف.
وفي هذا السياق، اقترحت شركة المبادئ الأربعة إدخال مفهوم جديد هو “متوسط تكلفة التصليح الإجمالية” (TARC)، وهي عبارة عن تكلفة تصليح ثابتة متفق عليها تشمل جميع تكاليف العمالة وقطع الغيار والمواد لمختلف أنواع مهام الخدمة ما بين السمكرة والدهان وشركة التأمين.
وقد أتاح تنفيذ مفهوم “TARC” للسمكرة والدهان إلغاء المهلة الزمنية ما بين موافقة شركة التأمين وبدء عملية التصليح في طابق المتجر، مما أدى إلى تقليص متوسط إجمالي مدة خدمة السيارة في مهام التصليح “الطفيفة” بنسبة 40٪.
فضلاً عن ذلك، تم تعديل مسار العميل في مكتب الاستقبال أيضًا من خلال تنفيذ مفاهيم بسيطة مثل نظام الطابور، والمواكبة، وتعديل تدفق العملاء وفقًا لمبدأ “من يدخل أولاً يخرج أولاً” (FIFO). وأتاحت هذه التغييرات تقليص إجمالي الوقت الذي يقضيه العميل في منطقة الاستقبال بنسبة 55٪، مع نقطة تواصل موحدة معه. وعلاوة على ذلك، تم تحسين العمليات ما بين شركة التأمين وممثلي السمكرة والدهان من خلال اعتماد بوابات الجودة ما بين مختلف نقاط الاتصال بما يضمن توفّر كل الوثائق المطلوبة واكتمالها، وتجنّب إعادة الأعمال غير الضرورية ووقت انتظار العميل.
وبالإضافة إلى تحسينات “تغيير اللعبة” التي نفّذت في الجزء الإداري من مجمل عملية الخدمة، فإن التحسينات التي أجريت في طابق المتجر سمحت للورشة بزيادة عدد المركبات التي يتم إنجازها ضمن وقت التسليم الموعود بنسبة 113٪، وتقليص مدة تصليح المركبات بنسبة 76٪، وبالتالي زيادة قدرة إنجاز المهام “الطفيفة” بنسبة 144٪.
ولم تكن هذه التحسينات ممكنة إلا من خلال تطبيق جدولة دقيقة للمهام، وإدخال مفهوم مطوّر لتدفق الخط بما في ذلك السياسات والقواعد المحددة بشكل صحيح، حيث يتم تنسيق جميع خطوات عملية التصليح بتسلسل وتتدفّق السيارة على أساس مبدأ “من يدخل أولاً يخرج أولاً” (FIFO) عبر كل خطوة أو محطة في هذه العملية وفقًا لـ”نبض” (Takt) محدّد بما يضمن سلاسة تدفّق الخط.
باختصار، فإن التغييرات أتاحت تقليص إجمالي مدة أعمال التصليح “الطفيفة” من المفتاح إلى المفتاح بنسبة 63,8٪، وتحسين نوعية التصليحات بشكل كبير، مما يعني أنه اعتبارًا من اليوم يمكن للضيف أن يجلب سيارته لإجراء تصليح “طفيف” عند الساعة الثامنة صباحًا ويستلمها عند الساعة السادسة مساء من اليوم نفسه.
وقد لفت برند إلى أنه من خلال تطبيق التغييرات المقترحة التي صممتها شركة المبادئ الأربعة، فإن أعمال السمكرة والدهان تمكنت من تقليص مدة التصليحات بنسبة مذهلة بلغت 76٪، وإجمالي مدة “من المفتاح إلى مفتاح” بنسبة تزيد عن 60٪، فضلاً عن تحقيق خفض في عدد مشاكل الجودة بنسبة 85٪ في مرحلة فحص الجودة.
يقول برند: “أستطيع أن أضيف أن كل هذه المكاسب الفاعلة تحققت من دون اعتماد أي حل تكنولوجي متطور ومكلف، ولكن فقط من خلال إعادة تصميم العمليات، وتدريب الموظفين، وتنسيق الأهداف مع مؤشرات الأداء الرئيسة للإدارات التي عملت سابقًا بعضها ضد بعض، ووحدات الأعمال التي لم تتحدث في السابق بعضها مع بعض، والكيانات القانونية التي كانت تستند في فرضيات الأعمال على نموذج تعاون قديم جدًا”.
وقد مكّنت العمليات المطوّرة التي تم تنفيذها، شركة عبداللطيف جميل لأعمال السمكرة والدهان من تحقيق تحسينات كبيرة من حيث الجودة والوقت والتكلفة. علاوة على ذلك، تم استبعاد عقلية الصومعة والحدود ما بين مختلف الكيانات ووحدات الأعمال، وتمّ تنسيق العمليات وتبسيطها لتحسين تجربة العملاء طوال مسار الخدمة.